بين رائحة الياسمين وذبوله
لا
يوجد لدي معتقد فيما مضى بأن الكوارث تحل كلها فجأة واحدة على صف واحد، واحدة تلوى
الأخرى..
لكن ماذا حدث!!
منذ
أن دخلت علينا ٢٠٢٠ ونحن نعيش في قلق
من المستقبل وخوف من فقدان من نحبهم،
ومن أن يفقدنا أحبائنا.
تأجل حفل تخرجنا لسبب
هذه الأحداث ولم نعد نهتم لأننا وبكل بساطة قد رأينا ماهو أبشع من ذلك، ولا معنى لفرحة
تخلو من تواجد من نحب. جاءت كورونا لا نعلم هل كان خفاش أم لعبة بيولوجية، ولكننا نعلم بأنها حرب نفسية قبل
أن تكون جسدية.
وبها ودعنا الأعزاء وأعلنا الحداد لأرواحنا ولكل الأماكن التي نحب في سبيل الخلاص منها
ولكن ماذا حدث!!
اقترب
كورونا بالمحيط أصبحنا نعيش في رعب بالخوف من خسارة أهلنا وهم أمام أعينا ونحن لا نقدر
على شيء سوا الدعاء.
أيام صعبة عشناها ونحن نواسي مرضانا والأصعب عندما نراهم بقلوبنا
وبسماع أصواتهم فقط، وليس بالعيون التي
تعودت أن ترى الجمال والحب والألم، وكأن الباب هو الستار فقد كان يفصل بيننا باب ولكن
خلفه دموع وآهات وعذاب نفسي
شديد، لم نكن نعلم عمق الألم ومدى أن يعيش الواحد خلف باب
إلا بعد أن زار كورونا محبينا، البعض منهم رجع ولكن
بعافية تنقصها الراحة النفسية،
والآخر رحل عنا في قبره معلنا وداعا أبديا فقد باغته كورونا.
نحن
الآن آمام خيارات محدودة وأن تم الادعاء من قبل البعض بأن كورونا قد علمتنا وجعلتنا
نشغل عقولنا للأفضل فهذا
جانب به شق عملي ولكن الخيارات التي وضعتها كورونا أجبرتنا
أن نتعايش بعقل مشغول وبقلب تعصفه الهموم والتفكير
فهو كوضع طبيعي لمن شهد المرضى وهم
يحاولون ان يتشبتوا بالحياة، ومنهم الناجون ومنهم من فقد الخيط وانقطع
نهائيا. كم من
القوة التي ندعي بأننا اكتسبناها وتخطيناها، ولكن تسكن أنفسنا المرارة والحسرة الكثيرة،
ما أن نسمع خبر
يكدرنا تذبل ورود فؤادنا، ما أن يشتكي أحد منا من صداع وحمى وغيره نبدأ
القلق فتسقط الياسمينة وتفوح منها رائحة
الخوف لا الأمل، هكذا أوضاع قد نعيشها بكل
جوارحنا وأحساسنا بما عانيناه من مرض الأحباء وفقدانهم..
عيوننا
تترقب وتنظر لعالم خال من الأمراض والأحزان والحروب فقد تعبنا بمافيه الكفاية، متأملين
لقاح يسعد الكبار قبل
الصغار فنحن لا نقوى على الفراق المتزايد، عاطفتنا سيطرت علينا
من الأحداث التي سرقت فرحة الوحدة العائلية
والتضامن بالسراءوالضراء. أصبحت تعازينا
بالأدوات الرقمية كالهاتف والفيديو وهذه لن تغني عن التآزر الجسدي وعن
الضمة والأحضان،
فكم من مرهق يحتاج حضنا يسكن فيه ولكنه لا يجده فكم من حاجز وضعه المرض لمسكين
يترجى
الحب والراحة في كنف من يحب، الإشتياق للحياة السابقة فاق مداه، والمشاعر بين
المد والجزر لاتهدأ كالأمواج العاصفة
التي تترجى بأن تنقشع السحابة وينعم العالم
بالحب وبرفقة الأحبة بلا خوف من ضرر واقع ولا مصيبة قادمة ولا فيروس يفسد.